قال الله عز وجل في هذا الامر
( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات )
__دخل أحد الأشخاص الطيبين ذات يوم إلى مزرعة مر عليها و كان جائعا متعبا فشدته نفسه لأن يأكل و بدأت المعدة تقرقر فأطلق عينيه في الأشجار فرأى تفاحة فمد يده إليه ثم أكل نصفها بحفظ الله و راعيته ثم شرب من ماء نهر بجانب المزرعة.
__ انتبه بعد ذلك من غفلته بسبب الجوع و قال لنفسه : و يحك كيف تأكل من ثمار غيرك دون استئذان و أقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة يطلب منه أن يحلل له ما أكل من هذه التفاحة.
__فبحث حتى وجد داره فطرق عليه الباب فلما خرج صاحب المزرعة استفسر عن ما يريد .. قال صاحبنا .. دخلت بستانك الذي بجوار النهر و أخذت هذه التفاحة و أكلت نصفها ثم تذكرت أنها ليست لي و أريد منك أن تعذرني في أكلها و أن تسامحني عن هذا الخطأ فقال الرجل : لا أسامحك و لا أسمح لك أبدا إلا بشرط واحد فقال صاحبنا و هو (ثابت بن النعمان ) : و ما هو هذا الشرط؟قال صاحب المزرعة : أن تتزوج ابنتي ، قال ثابت : أتزوجها ، قال الرجل : و لكن انتبه إن ابنتي عمياء لا تبصر ، وخرساء لا تتكلم و صماء لا تسمع..
__و بدأ ثابت بن النعمان يفكر و يقدر – أنعم بها من ورطة – ماذا يفعل ؟ ثم علم أن الإبتلاء بهذه المرأة و شأنها و تربيتها و خدمتها خير من أن يأكل الصديد في جهنم جزاء ما أكله من التفاحة و ما الأيام و ما الدنيا إلا معدودات ، فقبل الزواج على مضض و هو يحتسب الأجر و الثواب من الله رب العالمين .
__وجاء يوم الزفاف و قد غلب الهم على صاحبنا : كيف ادخل على امرأة لا تتكلم و لا تبصر و لا تسمع فاضطرب حاله و تمنى أن لو تبتلعه الأرض قبل هذه الحادثة و لكنه توكل على الله و قال (لا حول ولا قوة إلا بالله إن لله و إنا إليه راجعون ) و دخل عليها يوم الزفاف فإذا بهذه المرأة تقوم إليه و تقول له السلام عليك ورحمة الله و بركاته فلما نظر إليهاتذكر ما يتخيله عن الحور العين في الجنة . قال بعد صمت ما هذا ؟ إنها تتكلم و تسمع و تبصر فأخبرها بما قال عنها أبوها قالت : صدق أبي و لم يكذب ، قال اصدقيني الخبر قالت أبي قال أنني خرساء لأنني لم أتكلم بكلمة حرام و لا تكلمت مع رجل لا يحل لي .. و أنني صماء لأنني ما جلست في مجلس فيه غيبة و نميمة و لغو .. و أنني عمياء لأنني لم أنظر إلى أي رجل لا يحل لي ..
فانظر و اعتبر بحال هذا الرجل التقي و هذه المرأة التقية و كيف جمع الله بينهما
قلب النمر